
بعد فضائح الجامعات.. دعوات لتغيير جذري في النظام الأكاديمي
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
أثارت الفضيحة الأخيرة التي تفجرت في عدد من الجامعات المغربية، من أكادير إلى سطات ومراكش ومدن أخرى، جدلاً واسعاً وأدخلت التعليم العالي في المغرب في قلب النقاشات البرلمانية والسياسية.
هذه الفضيحة التي هزت أركان المؤسسات الأكاديمية، جاءت لتكشف عن هشاشة في النظام التعليمي الجامعي وغياب رقابة فعالة، ما يستدعي مراجعة جذرية لمسار الجامعة المغربية ووضعها تحت المجهر من جميع الجوانب.
– الفضائح تكشف واقعاً مؤلماً
ما تفجّر من فضائح داخل الجامعات لم يكن مجرد حادث عرضي، بل كان نتيجة لعدة عوامل تراكمت على مر السنين، فقد طفت على السطح حالات فساد مالي، تجاوزات إدارية، وسوء تدبير للمشاريع الجامعية، إلى جانب محاباة في التوظيف والترقيات، ما أدى إلى تأجيج الغضب العام في صفوف الطلاب والأساتذة على حد سواء، وقد وصل النقاش إلى قبة البرلمان، حيث أصبح الموضوع يمثل تحدياً حقيقياً للقطاع السياسي.
الفضائح الأخيرة، وبخلاف تأثيرها الكبير على سمعة الجامعات، كشفت عن غياب آليات فعالة للمسائلة والمحاسبة داخل هذه المؤسسات، فالمسؤوليات يتم التهرب منها وتبادلها بين الأساتذة والعمداء ورؤساء الجامعات، ما يعكس الفوضى التي تسود هذا القطاع الحيوي، هذه الفضائح، وإن كانت تثير أسئلة كثيرة عن غياب الرقابة، إلا أن الحديث عنها في البرلمان هو بداية لاستفاقة ما كان يجب أن تحدث منذ زمن بعيد.
– إصلاح الجامعة مسألة إرادة سياسية
من خلال هذه الفضيحة وغيرها من الحوادث التي تخللت مسار التعليم العالي في المغرب، أصبح من الواضح أن الإصلاح الحقيقي للجامعة المغربية يتطلب إرادة سياسية قوية، ترتكز على استراتيجيات بعيدة المدى، فإصلاح المؤسسات الجامعية لا يجب أن يكون مجرد استجابة لأزمة عابرة، بل يجب أن يكون عملية مستدامة تشمل جميع جوانب الجامعة، من الإدارة إلى التعليم في المدرجات ، ومن البحث العلمي إلى العلاقة مع المجتمع.
الباحثون والخبراء في هذا المجال يؤكدون أن الإصلاح لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال خطة شاملة تمتد على المدى المتوسط والبعيد، وتستند إلى أسس قوية من الشفافية والمحاسبة، وهذا يتطلب دعماً سياسياً قوياً على جميع المستويات، من وزارة التعليم العالي إلى رؤساء الجامعات، وصولاً إلى هيئات التدريس والإدارة.
– التغيير يبدأ من الوزارة
من أجل تحقيق الإصلاح الفعلي، يجب أن يتحمل كل طرف مسؤوليته، بدءاً من وزارة التعليم العالي، فكل وزير في فترة ولايته يجب أن يضع خطة محددة وشاملة للإصلاح الجامعي، ويعمل على تنفيذها وفق آلية محكمة تضمن الاستمرارية وعدم تأثير التغييرات السياسية المتتالية على استقرار النظام الجامعي، في إطار هذه الخطة، ينبغي على كل وزير أن يقدم قائمة واضحة لرؤساء الجامعات يتم تعيينهم دون ما تقوم بها الوزارة الان من الترشيح إلى اللجنة وبعدها اختيار اسم هذا الوضع تبث فشله من توالي الإخفاقات وتبادل الاتهامات والتنصل من المسؤوليات ، بل الإصلاح يجب ان تسوده المحاسبة لمسؤول وزاري لأنه هو من سيقدم برنامجه ومن سيعمل معه طيلة فترة ولايته، وهو ما سيمكن من ضمان تطوير برامج أكاديمية وتنظيم إداري محكم.
من جانبهم، يجب على رؤساء الجامعات أن يكونوا أكثر شفافية في علاقاتهم مع العمداء ومدراء المؤسسات الجامعية، حيث يتوجب عليهم تقديم لوائح دقيقة وواضحة توضح خططهم السنوية في إدارة الجامعات، بهذا الشكل، يمكن لكل جامعة أن تتمتع باستقلالية إدارية وتنظيمية، بحيث يتم تحديد المسؤوليات بشكل دقيق في حال انفجار أي ملف فساد أو سوء تدبير.
– المحاسبة والشفافية: الطريق إلى التغيير
التحدي الأكبر اليوم هو وضع آليات محاسبية صارمة، تكشف عن المسؤوليات الحقيقية في حال حدوث أي أزمة أو فضيحة داخل الجامعة. إذ يجب أن تكون المحاسبة جزءاً لا يتجزأ من النظام الجامعي، بحيث يتم تحديد المسؤولين عن أي تجاوزات أو فساد يتم اكتشافه، فإذا كانت الجامعات تتمتع بقدر من الاستقلالية، فإن المحاسبة يجب أن تظل قائمة، والتعاون بين جميع الأطراف داخل الجامعة يجب أن يهدف إلى تحسين الأداء الأكاديمي والإداري.
لقد أصبح لزاماً على الجميع أن يعترف بحقيقة أن ما يحدث داخل الجامعات المغربية لا يمكن الاستمرار فيه، لقد طال انتظار الإصلاح الجذري لهذا القطاع، ولابد من تغييرات حقيقية في كيفية إدارة هذه المؤسسات التي تعد من أعمدة التنمية بالبلاد ، ومن أجل ذلك، يجب أن يبدأ التغيير من أعلى الهرم، من وزارة التعليم العالي وصولاً إلى آخر موظف في هذه الجامعات، وفي الوقت نفسه، ينبغي أن يكون التغيير قائمًا على أسس من المحاسبة والشفافية، بهدف إعادة بناء الثقة في الجامعات المغربية وضمان أن تلعب دورها المنوط بها في بناء المستقبل.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X